jeudi 3 octobre 2024

انتاج كتابي حول اللعب في الحي

انتاج كتابي حول اللعب في الحي

 في كل يوم بعد انتهاء المدرسة، كنت أنا وأصدقائي نتجمع في حيّنا الصغير، حيث الهواء النقي والأشجار التي تظلل الشوارع. كان الحيّ مكانًا مليئًا بالحياة والضحكات التي تتعالى في كل زقاق. اللعب في الحيّ كان بالنسبة لنا أكثر من مجرد تسلية؛ كان مغامرة لا تنتهي، وكل يوم كنا نعيش فيه تجربة جديدة مليئة بالمتعة والمرح.

كنا نبدأ يومنا بلعبة كرة القدم، التي لم تكن مجرد رياضة، بل كانت بالنسبة لنا كالحرب الشريفة. كان الملعب هو الشارع الواسع، والحواجز الطبيعية التي نصنعها من الأحجار أو حتى العلب الفارغة كانت تمثل المرمى. في تلك اللحظات، كنت أشعر أنني في ملعب كبير وسط هتافات الجماهير، رغم أن الجمهور الحقيقي كان مجرد الجيران الذين يراقبوننا من النوافذ وهم يبتسمون. أكثر ما كنت أترقبه هو لحظة تسديد الكرة، فحينما تسقط الكرة في مرمى الخصم، كان صوتها الذي يرتطم بالحائط يتردد في أذني كأنه إعلان نصر، وتعم الفرحة بين الجميع.

صديقي صالح كان دائمًا نجم الفريق. كان سريعًا وماهرًا في المراوغة، وكنا جميعًا نعلم أن الفوز سيكون حليف فريقه إن انضم إليهم. لكن رغم ذلك، لم نكن نشعر بأي غيرة، بل كنا نفرح لأن صالح جزء من هذا الحي الذي جمعنا.

بعد أن ينتهي الحماس وتعب الأقدام من الركض خلف الكرة، نقرر الانتقال إلى لعبة أخرى أكثر هدوءًا ولكنها مليئة بالتشويق: "الغميضة". كنا نختار أحدنا ليكون هو الباحث، ويبدأ العد بصوتٍ عالٍ بينما نتسابق للعثور على أفضل مخبأ. كان الحي مليئًا بالأماكن التي تصلح للاختباء: خلف الأشجار الضخمة التي تطل على الطريق، تحت السيارات المتوقفة على الرصيف، أو حتى في مداخل البيوت القديمة. كنت أختبئ وأحبس أنفاسي، أخاف أن يسمعني الباحث وأتفاجأ بظهوره فجأة. أكثر ما كان يسعدني هو تلك اللحظة التي أصل فيها إلى "الحائط" دون أن يمسك بي أحد، كانت فرحة الانتصار لا توصف وكأنني حققت إنجازًا كبيرًا.

لم يكن يومنا يخلو من مشاركة الفتيات أيضًا، فكنا نلعب معهن لعبة "القفز بالحبل". كنّ ماهرات جدًا في تحريك الحبل بخفة وسرعة، وكنا نحن الأولاد نتحمس للقفز، نحاول تجاوز الحبل دون أن نتعثر. كانت الفتيات يتحديننا ونحن نحاول أن نثبت أننا لسنا أقل مهارة منهن. وكما كانت لعبة الحبل تجمعنا، كانت هناك لعبة أخرى أحببناها جميعًا وهي "التصفيق"، حيث كنا نقف في دائرة ونصفق في تناغم تام، نردد الأغاني البسيطة التي تجعل الضحكات تملأ المكان.

كل زاوية في الحي كانت تحمل ذكرى لنا. تلك الشجرة الكبيرة في الزاوية كنا نتسلقها أحيانًا، ليس فقط للمتعة، ولكن أيضًا لنشعر وكأننا نطل على العالم من علوٍ شاهق. والشارع الضيق بجانب المسجد كنا نعتبره مكانًا سريًا حيث نخطط لألعابنا التالية. في نهاية اليوم، كنا نعود إلى بيوتنا وقد غمرنا التعب، لكن عيوننا كانت تلمع بفرحة اللعب والمرح.

حتى الآن، عندما أعود إلى ذلك الحي وأرى الأماكن التي كنا نلعب فيها، أشعر بالحنين لتلك الأيام. كانت بسيطة، لكنها مليئة بالسعادة والبراءة. اللعب في الحي لم يكن مجرد وقت للمتعة، بل كان فرصة لبناء الصداقات والتعلم والتعاون، وكان يذكرنا دائمًا أن أجمل لحظات الحياة هي تلك التي نقضيها مع من نحب.



0 commentaires

Enregistrer un commentaire