mercredi 11 septembre 2024

وصف عرس تقليدي

وصف عرس تقليدي

في تلك القرية الصغيرة التي تفوح منها رائحة الأرض المبللة بعد يوم ماطر، كان الجميع في حركة دؤوبة استعدادًا للعرس التقليدي المنتظر. تجمعت النساء منذ الصباح الباكر في باحة المنزل الواسعة، يجهزن المكان ويزينه بالأقمشة الملونة التي تتدلى من الأسقف، بينما يلتف الأطفال حولهن، يلعبون ويتسللون بين أرجل الكبار، وعيونهم تلمع بشوق لما سيأتي من لحظات فرح.

مع اقتراب المساء، بدأ المدعوون يتوافدون بملابسهم التقليدية المزركشة، تتعالى ضحكاتهم وأصوات التحية التي تتبادل بين الأهل والجيران. كانت الزغاريد تملأ المكان، تختلط مع دقات الطبول ووقع أقدام الراقصين الذين يرقصون بحماس على إيقاع الأهازيج الشعبية التي تروي حكايات الأجداد. حلقات الرقص تتشكل حول العريس، الذي بدا وكأنه في قمة سعادته، مرتديًا جلبابه الأبيض المطرز، يتمايل بخفة بينما يشد بيده يد أصدقائه المقربين في تلك الدائرة التي تملأها البهجة.

وفي الجانب الآخر، كانت العروس تستعد في غرفة بسيطة تملؤها رائحة العطور التقليدية، تساعدها والدتها وخالاتها في ارتداء ثوبها الذي يحاكي جمال التراث بروعة تطريزه وألوانه الزاهية. كان وجهها يفيض بالخجل والابتسامة تضيء ملامحها، بينما تلف شعرها الطويل بضفائر ناعمة تتداخل فيها أزهار الياسمين البيضاء. حين خرجت من الغرفة محاطة بالفتيات اللواتي يحملن الشموع المغطاة بزخارف رقيقة، علت الزغاريد من جديد، وكأن الحاضرين يباركون خطواتها وهي تتجه نحو الساحة.

تجمع الناس حول مائدة طعام تقليدية وضعت عليها أشهى الأطباق، من الكسكس إلى الطواجن المعدة بعناية، ولم تغب الحلويات المحلية التي تحمل نكهة الماضي وذكريات الطفولة. كانت الأحاديث تتنوع بين الدعاء للعروسين بحياة هنيئة، وتذكر قصص العائلات ومواقفهم الطريفة، مما جعل الجو أكثر دفئًا وألفة.

بينما استمر الحفل، لم يكن هناك أحد مستثنى من المشاركة في الرقص والغناء. حتى كبار السن انضموا إلى الشبان في رقصة "الدبكة"، تلك الرقصة التي تحمل في طياتها معاني التعاون والفرح الجماعي، حيث تتشابك الأيدي وتتلاقى القلوب في خطوة واحدة، كأنها تعبير رمزي عن تلاحم أهل القرية.

وفي نهاية الحفل، اجتمع الأقارب والجيران ليقدموا هداياهم المتواضعة، مرفقة بكلمات مشحونة بالعاطفة والدعاء بحياة مليئة بالبركة والمحبة. وبينما كان القمر يطل على الساحة مضيئًا المكان بضياء فضي، كان الأطفال ما زالوا يلعبون بحيوية، وكأنهم يرفضون أن تنتهي هذه الليلة الساحرة.

غادر المدعوون متمنين للزوجين حياة سعيدة، وكلهم يحملون في قلوبهم ذكرى ليلة لن تُنسى، ليلة كانت مليئة بالحب والفرح وروح الأصالة التي ما زالت تسكن في قلوب أهل القرية، جيلاً بعد جيل.



0 commentaires

Enregistrer un commentaire