mardi 10 septembre 2024

وصف دكان

وصف دكان 

عند زاوية الحي، يقبع دكان صغير بطابعه التقليدي، يستقبلك بهدوء ويعيدك إلى زمن كانت الحياة فيه بسيطة. الدكان، بواجهته القديمة المزينة بألواح خشبية تآكلت أطرافها بفعل الزمن، يشبه ذاكرة جماعية لكل سكان الحي، يحمل في تفاصيله حكايات لا تنتهي. اللافتة المعلقة فوق الباب، بحروف عربية باهتة، تشهد على مرور سنوات من الخدمة والتفاني في تلبية احتياجات الناس. رغم أن ألوانها قد تلاشت، إلا أنها لا تزال تعكس أصالة وروح المكان.

بمجرد أن تفتح الباب، يرن الجرس الصغير المعلق فوقه، معلنًا قدومك ومضيفًا لمسة من الحميمية، وكأنه يخبر صاحب الدكان بوصول زبون جديد أو ربما صديق قديم. يستقبلك العم حسن بابتسامته الودودة، ذلك الرجل المسن الذي يعرف كل سكان الحي، ليس فقط بأسمائهم، بل بأذواقهم واحتياجاتهم اليومية. ملامحه الطيبة وصوته الهادئ يجعلانك تشعر بأنك في بيتك.

في الداخل، تمتد الرفوف الخشبية على طول الجدران، محملة بكل ما قد يخطر في بالك من سلع. أكياس الأرز والسكر مصطفة بعناية، إلى جانب علب الشاي والقهوة التي تفوح منها رائحة تعبق المكان. في أحد الأركان، توجد قوارير زجاجية قديمة تحتوي على بهارات ملونة، تنبعث منها روائح تشدك إليها وكأنها تدعوك لاكتشاف أسرار الطهي التي يعرفها الجميع. وما يثير الدهشة هو تنوع المعروضات، فمن البقالة الأساسية إلى الحلويات البسيطة التي تجذب الأطفال، تجد في هذا الدكان كل ما تحتاجه، وكأنه كنز صغير يلبي كل رغباتك.

بينما تتجول في الدكان، تلاحظ البلاط القديم المتشقق تحت قدميك، والذي يروي قصص أجيال مضت، حيث كانت خطوات الأمهات والآباء تملأ المكان في وقت الغروب لشراء حاجيات البيت. تشعر بروح الماضي تلتف حولك، حيث كانت العلاقات بين الناس قائمة على المودة والبساطة.

وفي أحد الزوايا، يقف ميزان قديم من النحاس، يزن عليه العم حسن بدقة وهدوء، مستذكرًا الأيام التي كانت فيها هذه الأدوات جزءًا لا يتجزأ من حياة الناس. كل تفصيل في الدكان يعكس روح الألفة التي تربط أهل الحي، ويجعل المكان أكثر من مجرد متجر؛ إنه نقطة التقاء بين الذكريات والأجيال.

تجد في هذا الدكان دفئًا خاصًا، وكأنه يستحضر لك ذكريات الطفولة حين كنت تأتي مع والدتك لشراء بعض الحلوى، أو حين كنت تجمع مصروفك لتشتري قطع الشوكولا التي كانت تملأ جيبك الصغير. كل ركن هنا يشهد على قصص صغيرة تكبر في ذاكرة كل من مر من هذا المكان، فيبقى الدكان شاهدًا حيًا على الزمن، حاملاً في طياته عبق الماضي وروح الحاضر.


0 commentaires

Enregistrer un commentaire