vendredi 6 septembre 2024

وصف النهر

وصف النهر 

 وقفتُ على ضفاف النهر، أستمتع بمشهد الطبيعة الخلابة التي تمتد أمامي. كان النهر يتلوى بهدوء بين الصخور، وكأنّه ينسج خيوطاً شفافة من الماء تتألق تحت أشعة الشمس الذهبية. بدت مياه النهر صافية كمرآة تعكس السماء الزرقاء، وأحياناً تلمع فيها ومضات من ألوان الطيور التي كانت تحلّق فوقه. كنت أراقب أوراق الأشجار التي تساقطت برفق، فتتراقص على سطح الماء وكأنها تحمل في رحلتها رسائل من الرياح البعيدة.

كان صوت تدفق الماء يملأ الأرجاء، موسيقى عذبة تنساب في الأذن وتزرع في النفس شعوراً بالسلام. وبين الحين والآخر، كان يلوح في الأفق قارب صغير يتهادى بهدوء، يجذف فيه صياد عجوز، ملامحه تحمل حكمة السنين وملامح التعب، لكنه كان يغني بصوت خافت، يعكس فرحاً داخلياً ورضا بالحياة.

على ضفتي النهر، كانت الحشائش الطويلة تلامس المياه برفق، وكأنها تتودد إليها، بينما تزدهي الزهور البرية بألوانها الزاهية، تزين المشهد كما تزين اللوحة بإطارها البديع. كانت الرياح تداعب تلك الحشائش بلطف، فترسم موجات خفيفة على وجه الماء، وكأن النهر يبتسم.

وفيما كنت أمشي بمحاذاة النهر، لفتت انتباهي مجموعة من الأطفال يلعبون على الضفة، يركضون بسعادة غير عابئين بشيء سوى ضحكاتهم التي كانت تتردد بين التلال المحيطة. أحدهم كان يصنع زورقاً صغيراً من ورقة، وضعه برفق على سطح الماء وتركه ينطلق، مراقباً رحلته وكأنّه أطلق حلماً ليبحر بعيداً.

بينما غابت الشمس ببطء خلف الأفق، بدأ لون السماء يتغير إلى ألوان دافئة من البرتقالي والوردي، وانعكست هذه الألوان على مياه النهر، فصار المشهد أشبه بلوحة رسمت بأنامل فنان. في تلك اللحظة شعرت بأن النهر ليس مجرد مجرى مائي، بل هو حياة تنبض بأحاسيس وذكريات، يحمل في جريانه قصصاً لا تنتهي من الألفة والسكون.

عدت إلى المنزل وقلبِي مملوء بالراحة، وكأنّني استنشقت مع كل نسمة هواء حكاية جديدة من حكايات النهر، وتركتها في ذاكرتي لتبقى معي طويلاً.



0 commentaires

Enregistrer un commentaire