انتاج كتابي حب الطبيعة - حكاية الأطفال في حديقة الحي
مررت ذات يوم بحديقة الحي، كعادتي في استنشاق الهواء النقي والاستمتاع بجمال الطبيعة. كانت السماء صافية، والنسيم لطيفًا، والهدوء يخيّم على المكان. بينما كنت أتمشى بين الأشجار، لفت انتباهي مجموعة من الأطفال يعبثون بالأشجار والنباتات بشكل عشوائي. كانوا يقتلعون الأغصان الصغيرة، ويقطفون الأوراق والزهور دون اكتراث، ويبدو أنهم كانوا يلعبون دون أن يدركوا الأذى الذي يلحقونه بالطبيعة من حولهم.
شعرت بالحاجة إلى التدخل، ليس من باب الغضب أو التوبيخ، بل من باب الحرص على توعيتهم وإرشادهم. اقتربت منهم بهدوء وابتسامة على وجهي، وقلت: "يا أصدقائي، هل تعلمون أن الأشجار التي تعبثون بها الآن هي أكثر من مجرد نباتات؟"
نظروا إليّ بفضول، وكأنهم ينتظرون ما سأقوله. تابعت حديثي: "هذه الأشجار تعطينا الكثير دون أن نطلب. توفر لنا الظل في أيام الصيف الحارة، وتمتص ثاني أكسيد الكربون وتمنحنا هواءً نقيًا يساعدنا على التنفس. تخيلوا كم سيكون الجو خانقًا بدون هذه الأشجار! كما أنها تمنحنا الثمار اللذيذة التي نتغذى عليها."
بدأ بعضهم ينظر حوله، وكأنهم يرون الأشجار بنظرة جديدة. فواصلت الحديث: "أتعرفون؟ الشجرة لا تشتكي ولا تئن عندما نؤذيها، لكنها تتأثر بصمت. وإذا استمرينا في إلحاق الضرر بها، سنفقد في النهاية جمال هذه الحديقة، وربما تختفي الأشجار من هنا تمامًا. ماذا سيحدث حينها؟ لن نجد مكانًا نلعب فيه، ولن يكون الهواء نقيًا كما هو الآن."
أحد الأطفال سألني: "هل يمكن أن تموت الأشجار بسبب ما نفعله؟"
أجبته بلطف: "نعم، إذا استمررنا في إيذائها، قد تموت الشجرة تدريجيًا. كل ورقة تُقتلع، وكل غصن يُكسر، يؤثر على حياة الشجرة. مثلما أنتم تحتاجون إلى الطعام والماء لتنموا، تحتاج الأشجار أيضًا إلى العناية والاحترام لتستمر في النمو."
بعد حديثي، لاحظت أن بعض الأطفال بدأوا يتوقفون عن العبث بالأشجار، بل أحدهم اقترب من شجرة صغيرة ولمس أوراقها بحذر، كما لو كان يعتذر لها. بدا أن الرسالة قد وصلت، وأنهم بدأوا يفهمون قيمة الطبيعة.
ابتعدت عنهم وأنا أشعر بالرضا، آملاً أن يكون ما قلته قد زرع بذرة الوعي في نفوسهم، وأن يتعلموا أن يكونوا حراسًا على الطبيعة بدلًا من أن يكونوا عبئًا عليها.
0 commentaires
Enregistrer un commentaire