dimanche 8 septembre 2024

نص وصفي عن المطر

نص وصفي عن المطر 

عندما تلبدت السماء بالغيوم في تلك الأمسية الهادئة، كان الجميع يشعر بأن شيئًا ما سيحدث. كانت الرياح تداعب الأشجار برفق، وكأنها تنذر بقدوم المطر. انتظرنا جميعًا هذه اللحظة بفارغ الصبر، حيث كان الحنين لتلك القطرات الباردة يملأ قلوبنا. فجأة، بدأت أولى القطرات تتساقط بهدوء، كأنها رسائل من السماء تبعث بالطمأنينة والسلام. 

في البداية، كانت قطرات المطر تتساقط خفيفة، كأنها تطرق أبواب النوافذ برقة لتخبرنا بأن الطبيعة تستيقظ. تأملتها وأنا أقف بجوار النافذة، أراقب كيف كانت تنزلق بخفة على الزجاج، ترسم خطوطًا متعرجة، كأنها تخط قصصًا صغيرة عن رحلتها من السماء إلى الأرض. بدأ صوت المطر يزداد شيئًا فشيئًا، كأنه موسيقى هادئة تتغلغل في أعماق الروح، تبعث فيها الدفء والسكينة.

في الخارج، تحولت الشوارع إلى لوحات تتراقص فيها الأضواء المنعكسة على برك الماء التي بدأت تتشكل. كان الأطفال يلعبون في الطرقات، يتقاذفون الماء بفرح طفولي لا يوصف. ضحكاتهم كانت تتعالى مع كل قفزة وركضة، بينما كانت الأمهات يراقبنهم من خلف النوافذ بابتسامات تعكس دفء الأمومة. كان المشهد مفعمًا بالحياة، وكأن المطر جاء ليعيد إلينا لحظات الفرح المنسية.

لا شيء يضاهي جمال رائحة الأرض حين تختلط بقطرات المطر الأولى. تلك الرائحة التي تملأ الأجواء بعبق خاص، تذكرنا بتلك الأيام التي كنا فيها نلعب دون قلق تحت المطر، نركض بأحذيتنا المبتلة وملابسنا الثقيلة، دون أن نكترث بشيء سوى الاستمتاع بتلك اللحظات.

مع ازدياد غزارة المطر، تحولت الشوارع إلى سيمفونية متناغمة بين خرير الماء وصوت قطرات المطر التي ترتطم بالأرض، وكأنها تعزف لحنًا يعرفه الجميع، لكنه لا يفقد جماله أبدًا. اختفت السيارات خلف ستار المطر المتساقط، وأصبحت الأضواء كأنها نقاط منيرة وسط الضباب الخفيف. كان كل شيء يبدو هادئًا وساكنًا، وكأن المدينة بأكملها دخلت في لحظة تأمل عميق.

في تلك اللحظات، شعرت بدفء غير معتاد، وكأن هذا المطر جاء ليغسل كل همومنا، ليعيد إلينا الأمل في يوم جديد. ربما تكون هذه القطرات الصغيرة بسيطة في ظاهرها، لكنها تحمل في طياتها معنى أكبر بكثير. كانت وكأنها تدعونا للتوقف للحظة، للتأمل، وللتفكير في جمال الأشياء البسيطة من حولنا. انتهت الأمسية والمطر ما زال ينهمر، وأنا أدركت كم هو جميل أن نتوقف أحيانًا لنستمتع بتفاصيل صغيرة، نراها كل يوم، لكننا نغفل عن جمالها في خضم حياتنا السريعة. 

حينما توقفت آخر القطرات، ساد الهدوء، ولكن الأرض ظلت تحكي قصص المطر عبر برك الماء التي بقيت تلمع تحت ضوء القمر.


0 commentaires

Enregistrer un commentaire