انتاج كتابي حول ضياع أخي في السوق
في أحد الأيام المشمسة، التي كانت الشمس فيها تتلألأ في سماء زرقاء صافية، قررت عائلتي أن نخرج إلى السوق الشعبي. كان السوق، بممراته الضيقة وألوانه المتنوعة، يعج بالحركة والحياة. كنت متحمسًا لهذا اليوم، إذ أن الأسواق الشعبية دائمًا ما كانت تشعرني بشعور خاص، كأنها بوابة إلى عالم مليء بالفرح والتجدد.
وصلنا إلى السوق في ساعة مبكرة، حيث كانت أشعة الشمس تداعب كل زاوية من زوايا المكان. لم يكن في الأفق سوى الهدوء والضوء، وكأنما السوق كان يفتح ذراعيه لنا مرحبًا. كانت روائح البهارات الطازجة تتسلل إلى أنفي، والفاكهة الطازجة كانت تتلألأ بألوانها الزاهية في كل مكان. أصوات الباعة وأحاديث الزبائن كانت تنسج سيمفونية من النشاط والحيوية.
أخي الصغير زيد، الذي كان يبلغ من العمر سبع سنوات، كان متحمسًا بشكل لا يوصف. كان شعره الأسود اللامع يتلألأ تحت أشعة الشمس، وعيناه الزرقاوان كانتا تتلألأان بحماس طفولي. كان يرتدي قميصًا أحمر، ويبدو كأنه نجم صغير وسط هذا الزحام. طلب مني أن أمسك بيده بينما نتجول بين الأكشاك، وكنت سعيدًا بمرافقته.
تجولنا بين أكشاك الخضروات والفواكه، حيث كان زيد يستعرض كل شيء بأعينه اللامعة وكأنه يرى العالم لأول مرة. توقفنا عند أحد الأكشاك لشراء بعض الفواكه الطازجة، وكنت مشغولًا بالتحدث إلى البائع عن أسعار التفاح والبرتقال. بينما كنت أستمع إلى حديث البائع، شعرت فجأة بأن اليد الصغيرة التي كانت ممسكة بيدي قد انزلقت. استدرت بسرعة لأجد أن زيد قد اختفى وسط الزحام.
شعرت بشيء من الرعب يتسلل إلى قلبي، وكان من الصعب التنقل بين الحشود الكثيفة. كان السوق مزدحمًا بأشخاص يتنقلون من مكان إلى آخر، والأصوات كانت تتعالى مما جعل من الصعب سماع أي شيء. حاولت البحث في كل اتجاه، لكن زيد كان قد اختفى، كما لو أنه تلاشى في الزحام.
اتصلت بوالديَّ، وكان قلقي واضحًا في صوتي. والدتي، التي كان لها دائمًا قدرة على السيطرة في الأوقات الصعبة، بدأت بالبحث في الأماكن القريبة، بينما كان أبي يواصل البحث في مناطق أخرى من السوق. كان كل لحظة تمر تزداد فيها مشاعر القلق والخوف، وكان كل صوت أو حركة غير متوقعة تثير في نفسي موجة من الذعر.
بعد مرور ساعة من البحث المجهد، وبينما كنت أتمشى في أحد الأركان البعيدة من السوق، رأيت زيد واقفًا هناك، عيونه تلمع بالدموع والخوف. كان بصحبة سيدة لطيفة، قد ارتسمت على وجهها ملامح الطيبة والقلق. كانت السيدة قد عثرت على زيد وهو ضائع، وقد قررت مساعدته حتى يعثر عليه أحد أقاربه.
ركضت نحوه، واحتضنته بكل قوتي. كانت دموعي تتساقط بغزارة، ولم أستطع كبح مشاعري. كان زيد يهتز قليلاً، لكنه بدا مريحاً بوجود السيدة الطيبة. نظرت إليها وقلت: "شكرًا لك على مساعدته، لقد كنت قلقة للغاية." ابتسمت السيدة وقالت: "لا داعي للشكر، كان يستحق المساعدة." كان أسلوبها الحنون يخفف من توتري.
عدنا إلى والدينا، وكانت السعادة تعلو وجوههم، وهم يحتضنون زيد ويتفقدونه. كان الأمر بالنسبة لنا درسًا مهمًا في الصبر والثقة، حيث أدركنا أن الحب والرعاية يمكن أن يأتيان من غرباء أيضًا. وقد تعلمت أن الأسرة يمكن أن تظل قوية حتى في أحلك اللحظات، وأن الحماية والرعاية لأحبائنا هي أهم شيء في الحياة.
في النهاية، أعدنا التجول في السوق، لكننا كنا نتمتع بحذر أكبر. كانت تجربة ضياع زيد درسًا في أن نبقى يقظين، ولكنها أيضًا كانت تذكيرًا بأن هناك دومًا من يساعد، حتى في أكثر اللحظات ظلمة.
0 commentaires
Enregistrer un commentaire