samedi 7 septembre 2024

وصف بطحاء الحي

وصف بطحاء الحي

 في قلب الحي، تمتد بطحاء واسعة كأنها قلب ينبض بالحياة. إنها مكان بسيط لكنه مليء بالدفء والذكريات. تحيط بها منازل قديمة متلاصقة، جدرانها تحمل بقايا طلاء تآكل بفعل الزمن، وتزينها نوافذ بألوان باهتة، تتأرجح ستائرها بفعل نسيم المساء الخفيف. الأبواب الخشبية تفتح على عالم من القصص، حيث يعرف الجميع بعضهم، وكأن البطحاء تجسد حكاية جماعية لكل من يعيش هنا.

في الصباح الباكر، تُشرق الشمس على البطحاء، لتملأها بضوء دافئ يعكس رمالها الذهبية. يبدأ النهار بهدوء، حيث ترى عمال الحي يجتمعون هنا، يتبادلون التحية والابتسامات قبل أن ينطلقوا في يومهم. الشجرة الكبيرة التي تقف في ركن البطحاء تبدو كحارسة للمكان، أوراقها الخضراء تمتزج ببعض الأوراق اليابسة، تشهد على مرور السنين. تحت ظلالها، يجلس العم محمد، رجل طاعن في السن، يحتسي شايه وهو يستمتع بمراقبة الحياة وهي تسري أمامه، بينما يستمع لأحاديث الجيران عن أحوالهم وأخبارهم.

مع اقتراب الظهيرة، تتحول البطحاء إلى ساحة مليئة بالحركة. الأطفال، ببراءتهم ونشاطهم، يملؤون المكان بالضحكات والصيحات. تلاحقهم نساء الحي بنظرات مليئة بالحب والحرص، وهن يتبادلن أطراف الحديث عن الحياة وأحوال الأسر. بعض الصبية يلعبون الكرة على الجانب، يتنافسون بحماسة وكأنهم في نهائي كأس العالم، بينما تتردد كلمات التشجيع والضحك بين الجميع.

عند غروب الشمس، تتحول البطحاء إلى لوحة ساحرة، حيث تلتقي ألوان الشفق مع أضواء المنازل البسيطة. يعود الجميع إلى منازلهم، لكن دفء اللقاءات يبقى في الأجواء. وفي تلك اللحظات، يخيم على البطحاء هدوء جميل، كأنه توديع ليوم مضى، واستعداد ليوم جديد مليء بحكايات أخرى.

بطحاء الحي ليست مجرد مساحة فارغة، بل هي روح المكان، حيث تلتقي الحياة اليومية البسيطة مع الذكريات التي لا تُنسى. كل زاوية فيها، كل ضحكة وصرخة طفل، كل خطوة تشهد على روابط إنسانية عميقة تجمع بين أهل الحي، وكأن البطحاء تروي كل يوم قصة جديدة من قصص الحياة، حية ومتجددة، تظل محفورة في القلوب.



0 commentaires

Enregistrer un commentaire