موضوع فلسفة حول محور الأخلاق و السعادة مع الإصلاح
الموضوع : هل يخضع الفعل الأخلاقي ضرورة لسيادة العقل ؟
المقدمة :
- يشهد الواقع تناقضا بين نزوع الإنسان الى تحقيق رغباته و بين الحاجة الى الإلتزام بقيم أخلاقية مما يبعث على النظر في مهام العقل و علاقاته بالأفعال فماهي أسس الفعل الأخلاقي ؟ و أية علاقة بين العقل و الأفعال البشرية ؟ هل ينهض الفعل الأخلاقي ضرورة على العقل ؟ ألا يكون المجتمع مصدر إستقامة السلوك ؟
الجوهر :
1- مبررات القول بخضوع الفعل الأخلاقي لسيادة العقل :
- إذا كانت الأفعال البشرية لدى عموم الناس أساسها الرغبة و مطلبها الإستماع المادي عموما ، فإن الفلسفة في إعتبارها الإنسان كائنا عاقلا تميز بين الأفعال الخيلرة و الشريرة بحسب العقل . و كلما تطابق الفعل مع العقل إكتسى قيمة الأخلاق و شرط هذا التحرر من الجسد و رغباته و الإمتثال لسيادة العقل و من ثمة يصبح الفعل البشري فعلا أخلاقيا . و إذا ما تناقض مع العقل يتجرد الفعل من كل قيمة أخلاقية مما يعني أن الحكيم وحده يتصرف وفق العقل و أن أفعاله فاضلة في مقابل إرتكاب الناس للرذائل إستجابة للأهواء . هذه العلاقة بين العقل و الأخلاق تلقى تعبيرها في السؤال الكانطي : " ماذا يجب على أن أفعل " سؤال يحدد الفعل الأخلاقي لا بما هو كائن أي التجارب الإجتماعية و إنما العقل أو الواجب العقلي و أساسه بحسب كانط " الإرادة الخيرة و هي الخير الوحيد الأسمى " إنها إرادة عاقلة و مصدر الأخلاق . و إذا كان الفعل صادرا عن العقل أو الواجب العقلي أضحى فعلا أخلاقيا . و في صورة إرتباط الفعل بالرغبة و بمنفعة أو مصلحة فإنه لا يكتسي قيمة أخلاقية . و تظهر سيادة العقل في التحرر من الدوافع الرغبوية و من المنافع المادية أو المصالح التجربية و لذا السبب يميز كانط في تحديده للأفعال البشرية بين أوامر أخلاقية قطعية و مطلقة يلتزم بها الفرد إلتزما ذاتيا لأنه كائن عاقل و له إرادة خيرة بغض النظر عن النتائج النفعية و هي التي تصدر عن إرادة عاقلة و خيرة . و هذه الأوامر هي نصائح عملية مقيدة بتجارب الإنسان و ليس لها صبغة الإلزام الأخلاقي العقلي فهل يخضع الإنسان في سلوكه للعقل أم الرغبات و التجارب الإجتماعية ؟
2- مبررات القول بأن الفعل الأخلاقي يرجع الى محددات أخرى :
* الأخلاق و الرغبة :
- لا ترجع الأفعال كي تكتسي قيمة أخلاقية الى العقل وحده لسيما أن الإنسان رغبة أي وحدة العقل و الجسد و ينزع الى تحقيق رغباته كالأكل و الشرب و الجنس طلبا للذة و في هذا الصدد يقول أبيقور : " إن اللذة هي بداية الحياة السعيدة و غايتها " و لكن أي معنى للذة ؟ هل هي مطلب يتناقض ضرورة مع العقل و القيم الأخلاقية ؟ إذا سلمنا أن الإنسان رغبة ، وحدة عقل و جسد و إنه يسعى الى تحقيق اللذة فإن الفعل الأخلاقي يصدر عن توافق السلوك و العلاقات البشرية مع الرغبة و اللذة . و يقيم أبيقور تمييز بين اللذات التي يعقبها ألم و أخرى نقية لا تبعث على الألم الأولى ليست معيار للفعل الأخلاقي و هي لذة الفساق كالخمر و النساء ، يقول أبيقور : " لا تتمثل الحياة السعيدة في السكر المتواصل و لا في التمتع بالنساء " . و إذا كانت الأخلاق الأفلاطونية تقوم على العقل و التحرر من ملذات الجسد فإن معيار الفعل الأخلاقي هو اللذة بوصفها الخير الموافق لطبيعتنا الرغبوية
- غير أن الفعل الأخلاقي لا يتحدد وفق مكونات الإنسان الداخلية كالعقل و الجسد أو الرغبة و من ثمة سيادة العقل فحسب بل يرجع أيضا الى المجتمع وطبقاته
* الأخلاق و الواقع :
- يختلف الفعل الأخلاقي من مجتمع الى ىخر و من عصر الى غيره : " إن مفاهيم الخير و الشر قد تغيرت كثيرا من شعب الى شعب و من عصر الى عصر الى حد التعارض الصريح في بعض الأحيان " . فالفعل الأخلاقي لا يخضع ضرورة للعقل و إنما تحدده ظروف البشر المادية و مصالحهم الطبقية . إذ يكشف الواقع عن وجود أخلاق طبقية و مثاله الأخلاق الإقطاعية المنتمية الى الماضي : تبقى مخلفاتها قائمة في العلاقات الإجتماعية و الأخلاق البرجوازية الحديثة و هي المهيمنة واقعيا إنها تمثل أخلاق الحاضر . و مثاله : " لا تسرق أبدا " عبر تكريسها كمعايير بالنسبة الى الأفرادى في علاقتهم مع بعضهم و كأنماط محددة لطبيعة الخير
3- الحدود :
- إمكان الوقوع في نسبية الأخلاق نظرا لتعدد المصادر " المجتمع و التاريخ ، المصالح ، الرغبات " عموما يفضي الى تبرير أي سلوك
- الحد من الطابع الإلزامي للأخلاق و مراعاة الحرية قيمة إنسانية
4- المكتسبات :
- تأكيد دور العقل في تأسيس الأفعال و إختلاف وظائفه تخلصا من سيادة الأهواء
- مهما تنوعت أسس الأخلاق " العقل ، الرغبة ، التاريخ " فإن الحياة البشرية لا تستقيم إلا وفق قواعد حتى تنتظم العلاقات و الأفعال
الخاتمة :
- حاجة البشرية الى قيم أخلاقية لتنظيم العلاقات و إمكان وضع إيتيقا تخلصنا من منطق الأوامر و الإخضاع و الخضوع .
0 commentaires
Enregistrer un commentaire