انتاج كتابي حول العائلة السعيدة
في قرية صغيرة بعيدة عن ضجيج المدن، حيث النهر يعانق الحقول الخضراء، عاش يوسف، الرجل الذي لم يعرف قلبه إلا الطيبة والإخلاص. كان يوسف يعمل نجارًا في ورشته الصغيرة، التي تفوح منها رائحة الخشب المنعش. كانت يداه تروي حكايات الخشب، فتحوله إلى قطع أثاث تزين بيوت القرية، وتجلب السعادة لأهلها. ومع كل قطعة ينهيها، يشعر برضا داخلي لأنه يعرف أن عمله ليس مجرد صناعة، بل هو فن ينبض بالحياة.
تزوج يوسف من ليلى، المرأة الحنون التي كانت تملأ بيته بالدفء والحنان. كانت ليلى تعرف أن السعادة لا تأتي من الأشياء المادية، بل من الحب والاهتمام. لذلك، كانت تعتني ببيتها وأطفالها بكل حب وتفانٍ. تبدأ يومها مع أول خيوط الفجر، حيث تستيقظ على صوت العصافير التي تغني وكأنها تشكر الله على يوم جديد. تحضر الفطور لعائلتها الصغيرة، وتضع لمساتها السحرية على كل شيء. حتى رغيف الخبز الذي تقدمه كان يحمل في طياته لمسة من حبها واهتمامها.
أنجب يوسف وليلى ثلاثة أطفال، هم فرحتهم في هذه الحياة. كان علي، الابن الأكبر، يحب الرياضيات ويعتبرها لعبة تحتاج إلى العقل والتفكير. أما سارة، الابنة الوسطى، فكانت تجد في الكتب عالمًا مليئًا بالخيال والمغامرات. وأخيرًا، كانت مريم، الصغيرة، تبتسم دائمًا وكأنها تحمل في قلبها أسرار السعادة البسيطة.
كان يومهم مليئًا بالنشاط والبهجة. بعد انتهاء يومهم الدراسي، يعود الأطفال إلى البيت، ليجدوا أمهم قد أعدت لهم وجبة غداء لذيذة. يتناولون الطعام معًا وهم يتبادلون الأحاديث والضحكات. بعد ذلك، يتفرقون إلى زوايا البيت الصغيرة، كل واحد منهم يذهب إلى ركنه المفضل ليبدأ في حل واجباته المدرسية. كانت ليلى تجلس بجانب مريم لتساعدها في قراءة الكلمات الصعبة، بينما يجلس يوسف مع علي ليساعده في حل المسائل الرياضية التي تتطلب التفكير العميق. أما سارة، فتجلس بجانب النافذة، تقرأ كتابًا جديدًا وتحلم بعوالم بعيدة.
وعندما يحل المساء، يجتمع الجميع حول المائدة الدافئة لتناول العشاء. كانت ليلى تعد لهم أطباقًا تذكرهم بأيام الطفولة، بأكلات جدتهم التي كانت تحكي لهم قصصًا أثناء إعداد الطعام. بعد العشاء، يجلس الجميع في غرفة المعيشة. كانت ليلى تحيك لباسًا جديدًا لمريم، بينما يوسف يقرأ الجريدة ويستمع إلى قصص الأطفال عن يومهم الدراسي. سارة تحكي لوالدها عن قصة قرأتها، وكيف أنها ترغب في زيارة الأماكن التي وردت في الكتاب.
وعندما يقترب الليل، ويحمل معه نسمات باردة، يأخذ يوسف أطفاله إلى أسرتهم، يقرأ لهم بعض الآيات من القرآن الكريم حتى يغلبهم النعاس. كان يطمئن عليهم قبل أن يغادر الغرفة، يبتسم وهو يرى وجوههم المطمئنة. وبعد أن يخلد الجميع إلى النوم، تبقى ليلى مستيقظة لبعض الوقت، تكمل ترتيب البيت وتفكر في يوم الغد. يوسف، يجلس على كرسيه المفضل، يقرأ الجريدة قليلاً ثم يطفئ الأنوار ويذهب إلى فراشه.
في هذا البيت البسيط، حيث لا توجد رفاهيات كثيرة، كانت السعادة تسكن في كل زاوية. كانوا يعرفون أن السعادة الحقيقية تأتي من العيش بحب، والاهتمام ببعضهم البعض، والعمل بجد لتحقيق أحلامهم الصغيرة. وكان كل يوم جديد يمر يضيف إلى حياتهم لحظات لا تقدر بثمن، لحظات تمتلئ بالحب والدفء، تجعلهم أقوى وأكثر ترابطًا.
0 commentaires
Enregistrer un commentaire