انتاج كتابي حول مساعدة فتاة تائهة في المدينة
في صباح خريفي مشرق، كنت أتجول في أحياء المدينة بعد انتهاء حصص المدرسة. كان النسيم العليل يحمل معه رائحة الزهور المتناثرة على الأرصفة، وألوان أوراق الشجر المتساقطة تغطي الأرض كسجادة ملونة. بينما كنت أسير بهدوء، لمحت فتاة صغيرة تجلس بجانب حائط، تبدو مرهقة ومضطربة. اقتربت منها ببطء، محاولاً أن أبدو هادئاً ومطمئناً
- مرحباً، هل تحتاجين إلى مساعدة؟ سألته بلطف، بينما كنت ألاحظ نظرات القلق على وجهها.
نظرت الفتاة إليّ بعينين مملوءتين بالخوف، وقالت بصوت مختنق:
- أنا اسمي فاطمة.
سألتها بقلق:
- ومن أين أنتِ، فاطمة؟
أجابت فاطمة بصوت يرتجف:
- أنا من قرية نائية، جئت مع عائلتي إلى السوق، ولكنني تاهت. لا أعرف كيف أعود إلى منزلي وأحتاج لمساعدتكم.
بمشاعر من التعاطف والقلق، قلت لها:
- لا داعي للقلق، سأنقلك إلى أقرب مركز شرطة. هناك سيساعدونك في العثور على عائلتك.
بينما كنا في طريقنا إلى مركز الشرطة، حاولت أن أهدئ من روعها. كنت ألاحظ نظراتها المتوترة وهي تنظر حولها، فبادرت بحديث لطيف لأخفف عنها:
- هل لديك أي هوايات تحبينها؟ ماذا تحبين أن تفعلي في وقت فراغك؟
أجابت فاطمة بابتسامة خفيفة:
- أحب الرسم كثيراً. أرسم مناظر الطبيعة والزهور. أفتقد أصدقائي ومدرستي في قريتي.
وصلنا إلى مركز الشرطة، وكان في استقبالنا ضابط مبتسم. شرحت له الوضع بسرعة، وقام الضابط بترتيب الأمور بسرعة وفعالية. طلب الضابط من فاطمة الجلوس في منطقة الاستقبال بينما اتصل بالرقم المخصص لحالات الطوارئ لإبلاغ العائلة.
- مرحباً، هذا مركز شرطة المدينة. لدينا فتاة صغيرة هنا تدعى فاطمة، وقد تاهت عن عائلتها في السوق. هل يمكنكم الحضور إلى هنا؟ أحتاج إلى تأكيد هويتكم. قال الضابط بصوت هادئ وموثوق.
أجابت والدة فاطمة من الجانب الآخر بصوت مليء بالقلق:
- نعم، نحن في السوق ونبحث عنها منذ فترة طويلة. نحن قلقون جداً. أين يقع مركز الشرطة؟
وصف الضابط موقع المركز بدقة، وطلب منهم أن يأتوا بسرعة. بينما كنا ننتظر، كانت فاطمة تجلس بهدوء على الكرسي، ورغم التوتر، كان هناك شعور بالراحة لأنها كانت في مكان آمن.
بعد حوالي نصف ساعة، دخلت والدتها إلى المركز. كان وجهها مملوءاً بالقلق والدموع، ولكن عندما رأت فاطمة، انفرج وجهها بفرح غامر. صرخت فاطمة بفرح:
- أمي! أمي هنا!
ركضت فاطمة نحو والدتها، واحتضنتهما بحب وشوق. كان العناق بينهما مليئاً بالعاطفة، حيث كانت الأم تُقبل ابنتها وتحتضنها بشدة، وكأنها تحاول تعويض كل لحظة قلق مرت بها.
اقتربت الأم مني، وكان وجهها مليئاً بالامتنان، وقالت:
- شكراً جزيلاً لك. لقد كنا في حالة من الذعر والقلق. لم نكن نعرف ماذا نفعل بدون مساعدتك.
ابتسمت، وقلت لها:
- لا داعي للشكر، أنا سعيد لأنني استطعت تقديم المساعدة.
قبلتني الأم على وجنتي، وكان ذلك تعبيراً صادقاً عن شكرها وامتنانها. تلك القبلة كانت أكثر من مجرد لفتة، فقد كانت لحظة مليئة بالمشاعر الإنسانية الصادقة التي لا يمكن وصفها بالكلمات. شعرت بارتياح عميق لأنني تمكنت من تقديم العون في وقت الحاجة، وتمنيت أن تكون فاطمة وعائلتها قد تمكنوا من العودة إلى المنزل بسلام وراحة.
0 commentaires
Enregistrer un commentaire