samedi 10 août 2024

إنتاج كتابي حول مساعدة طفل مشرد في يوم شتوي بارد

إنتاج كتابي حول مساعدة طفل مشرد في يوم شتوي بارد

في أحد الأيام الشتوية الباردة، كانت الرياح تعصف بقوة والسماء ملبدة بالغيوم، عدتُ من المدرسة بصحبة بعض زملائي. كنا نسير ببطء ونتبادل الأحاديث والضحكات لنخفف عن أنفسنا قسوة الطقس. فجأة، وجدنا أمامنا طفلاً مشرداً يقف بجوار حاوية نفايات، يرتجف من البرد وقد ارتدى ملابس ممزقة لا تكاد تغطي جسده الصغير، وشعره غير مرتب وعيناه مليئتان بالحزن.

توقفتُ ونظرت إليه بقلق، وقلبي يعتصر ألمًا وإشفاقًا على حاله. من النظرة الأولى، أدركتُ أنه يتيم. أكدت لي هذا الشعور عندما سألته عن عائلته، فأخبرني بصوت مخنوق أن والده قد توفي وترك له أحزانًا كثيرة، وأن والدته قد رحلت أيضًا ولم تترك له سوى مرارة الفقد.

لم أتمكن من كبح دموعي وأحسستُ برغبة ملحة في تقديم المساعدة له. نظرت إلى زملائي وسألت: "ماذا لو قدمنا لهذا الطفل بعض العون؟"

لكنهم ابتعدوا سريعًا، وكأنهم لم يسمعوني، وتركوني وحدي. لم أهتم لتصرفهم، واقتربتُ من الطفل بخطوات حذرة. كان يرتعد ويلتصق بالجدار كلما اقتربتُ منه، فقلت له بصوت مطمئن: لا تخف، أنا هنا لمساعدتك.

نظر إليّ بعينين مليئتين بالخوف وقال: "الناس ينظرون إليّ وكأنني مصدر قلق، وابتعدوا عني. أشعر بالخوف منهم."أمسكت بيده بلطف وقلت: لن أؤذيك، تعال معي.

سار معي بتردد حتى وصلنا إلى باب منزلي. توقفت فجأة وأراد الهروب، لكنني ضغطت على يده برفق وقلت له: لا تخف، ستكون بأمان هنا.

أدخلته إلى غرفة المعيشة وقدمت له بطانية دافئة. ثم ذهبت إلى المطبخ وأحضرت له طعامًا ساخنًا. بعد أن أكل وشعر بالدفء، صعدت إلى غرفتي مع أمي للبحث عن ملابس نظيفة تليق به. قدمتها له على شكل هدية، فابتسم بخجل وقال: شكراً لك، أنت حقاً لطيفة. هذا عنوان الملجأ الذي أقيم فيه.

وعدته بزيارته ومساعدته كلما استطعت، واقترحت عليه أن يعود إلى المدرسة ليحصل على نصيبه من التعليم. ابتسم وقال إنه سيحاول. ثم خرج من منزلنا مسرعًا، تاركًا خلفه شعورًا بالرضا في قلبي.

في الأيام التالية، بدأت أزور الملجأ بانتظام وأحمل معي بعض الحاجيات والكتب. كلما رأيت ابتسامته عند رؤيتي، كنت أشعر بسعادة كبيرة. تعرّفت على بعض الأطفال الآخرين في الملجأ، وكانوا جميعًا يشاركون نفس القصص الحزينة، لكنهم كانوا ممتنين لكل لحظة من الاهتمام والرعاية.

ذات يوم، أخبرني الطفل بأنه بدأ في الذهاب إلى المدرسة، وأنه يحب دروس الرياضيات كثيرًا. كانت تلك الأخبار تجعلني أشعر بالفخر والسعادة، وأدركت أن قليلًا من اللطف يمكن أن يغير حياة شخص ما بشكل جذري. علمتني هذه التجربة الكثير عن العطاء والمشاركة، وأننا جميعًا قادرون على إحداث فرق في حياة الآخرين، حتى بأبسط الأمور.

ومع مرور الأيام، نمت صداقتي مع الطفل، وصار يأتي لزيارتنا في المنزل بانتظام، يشاركنا اللعب والحديث، وكأنّه أصبح جزءًا من عائلتنا. كانت تلك اللحظات هي الأجمل في حياتي، فقد علّمتني أن الإنسان لا يقاس بما يملكه، بل بما يقدمه من حب وحنان لمن حوله.



0 commentaires

Enregistrer un commentaire