samedi 24 août 2024

انتاج كتابي حول العولة

انتاج كتابي حول العولة

 مع اقتراب نهاية فصل الصيف، وبدء تلميح بوادر الخريف في الأفق، قررت أن أستعد لتحضير بعض الأطعمة التقليدية التي تذكرني بالأيام الجميلة في الريف. في صباح اليوم التالي، ومع شروق الشمس الذي يملأ الأفق بألوان دافئة، بدأت بإخراج الأدوات التي كنت قد خزنتها بعناية طوال فصل الصيف. كان هذا العمل يحتاج إلى الكثير من التحضير، لذلك دعوت عمي، الذي يتمتع بخبرة واسعة في إعداد الأطعمة التقليدية، لمساعدتي في هذه المهمة.

توجهت إلى السوق المحلي لشراء دقيق الشعير الطازج، وهو المكون الرئيسي في وصفتي. السوق كان مكتظاً بالحركة، وكانت رائحة الخبز الطازج تملأ الأجواء. بعد شراء الدقيق، عدت إلى المنزل حاملاً حقيبتي الثقيلة وتوجهت مباشرة إلى المطبخ.

كان المطبخ في حالة من النشاط والحيوية، حيث عكس جمال الفوضى المنظمة التي تميز هذا النوع من التحضير. فتحت الخزائن واختبرت كل أداة بدقة، وضعت القدور اللامعة والملاعق الخشبية الكبيرة، بالإضافة إلى أدوات الطهي الأخرى التي لم أستخدمها منذ فترة طويلة، على الطاولة الكبيرة التي أصبحت بمثابة مركز النشاط. كنت حريصاً على التأكد من أن كل شيء كان في مكانه الصحيح؛ كل أداة كانت منتظمة حسب نوعها واحتياجاتها، مما جعل العمل أسهل وأسرع.

بدأت في تحضير الماء لخلط الدقيق، وقمت بقياس الكميات بعناية. بينما كنت أملأ الوعاء بالماء، شعرت برائحة البهارات التي بدأت تتسلل من المطبخ المجاور. كانت تلك الرائحة عبارة عن مزيج من التوابل المطحونة حديثاً، القرفة والكمون والفلفل الأسود، تملأ الأجواء وتدعو للتشويق حول النكهة التي ستضيفها إلى الطبق. كان عمّي في المطبخ الآخر، يعمل بجد على تحضير هذه التوابل، حيث كان يضعها بحذر في الجرار ويخلطها بحركة خفيفة، كأنما يصنع سحراً خاصاً.

في الوقت نفسه، كان المنزل يعج بالحركة. الأصوات المفعمة بالحيوية كانت تتعالى من كل زاوية؛ ضحكات الأطفال، الأحاديث الدافئة بين الأفراد، وزغاريد النساء التي تملأ المكان وتضفي جواً من الفرح والاحتفالية. كأن كل زاوية من المنزل كانت تحتفل بشيء مهم، مما جعل الأجواء تنبض بالحياة والسعادة.

فجأة، تغير الطقس بشكل درامي. سحب غائمة داكنة غطت السماء، وبدأت الأمطار تتساقط بغزارة، مصحوبةً ببرق لامع يضيء السماء بوميضاته الحادة. كان صوت المطر يتساقط على الأسطح المعدنية والصخور الخارجية، محدثاً لحنًا مزعجًا لكنه غامر بإحساس من الراحة.

على الرغم من الفوضى التي أحدثها المطر، كنت أشعر بسعادة وهدوء بينما كنت أراقب عملية إعداد الوجبة. كانت الحرارة في المطبخ تتصاعد، وكنت أهرع بين الأواني والأدوات، أسابق الزمن لضمان أن كل شيء يسير على ما يرام. عيناي كانتا تتبعان القدر وهو يغلي، وتراقبان التغيرات في قوامه. كنت أشعر بالارتياح وأنا ألاحظ أن كل شيء أصبح جاهزاً في النهاية، حتى أن الطبق قد برد بما يكفي ليتم تقديمه بحرارة مناسبة.

كان كل شيء في المطبخ يعكس مشاعر الإتقان والإنجاز، ويبدو أن كل لحظة من التحضير كانت جزءًا من احتفال كبير يجمع بين الطعام والعائلة والذكريات.

بينما كنت أعمل، تذكرت رحلات الصيد التي كنت أقوم بها في الغابة القريبة. كنت أذهب إلى هناك مع أصدقائي في كل صيف، نغوص في عمق الغابة ونبحث عن أماكن مميزة لصيد السمك. كانت تلك الرحلات مليئة بالمغامرات، حيث نتنقل بين الأشجار الكثيفة ونسمع أصوات الطيور والحيوانات الأخرى. في كل مرة كنت أجد نفسي محاطاً بجمال الطبيعة وأصواتها، وأستمتع بكل لحظة أمضيها في هذا المكان الساحر.

كانت هذه التجربة في المنزل أيضاً مليئة بالفرح والسرور، تماماً كما كانت رحلات الصيد. في كل مرة أعد فيها هذه الأطعمة، أشعر بأنني أستعيد ذكريات جميلة وأعيش لحظات من السعادة والامتنان.



0 commentaires

Enregistrer un commentaire