vendredi 30 août 2024

انتاج كتابي حول الامانة

انتاج كتابي حول الامانة

ذات يوم جميل، بينما كانت الشمس تتلألأ في سماء صافية، طلبت مني والدتي، التي دائماً ما تشعر بالثقة في قدرتي كأكبر أبنائها، أن أقوم بمهمة بسيطة لكنها ذات أهمية كبيرة. كانت الرسالة التي طلبت مني تسليمها بالبريد المسجل تحتوي على معلومات هامة، وكنت أنا المسؤول عن إيصالها إلى مكتب البريد.

أخذت الرسالة بيد وأحكمت قبضة اليد الأخرى على حقيبتي المدرسية، وخرجت من المنزل. في طريقي إلى مكتب البريد، مررت ببناية الحي القديمة التي أحببتها منذ طفولتي. رأيت أصدقائي في الساحة المجاورة، حيث كانوا يلعبون كرة القدم في فرح ونشاط. لحظة من الإغراء والمرح تملكتني، فتوقفت عن السير وانضممت إليهم.

بينما كنت أركض وأركل الكرة، شعرت وكأن كل همومي قد تلاشت، وجعلتني لحظات اللعب أعيش في عالم آخر بعيد عن المسؤوليات. اختلطت ضحكاتنا وصيحاتنا بترانيم الحياة البسيطة، لكنني نسيت تماماً الرسالة التي كنت أحملها. كانت هذه اللحظة بمثابة غمر في بحر من الفرح والإثارة، ولكن أيضاً كانت غفلة عن واجب مهم.

مع غروب الشمس، عندما بدأت الأنوار في الشوارع تتلألأ، شعرت بالتعب بعد يوم طويل من اللعب. عدت إلى المنزل، وألقيت بنفسي على الأريكة في غرفة المعيشة، وكأنني غطست في بحر من الإرهاق. تأملت لحظات اللعب، وجاءتني فكرة عن أشياء أخرى كنت أحتاج إلى إنجازها.

حينما فتحت حقيبتي لأخرج كتبي وأوراقي، رأيت الرسالة التي كنت قد نسيتها تتلألأ بين أوراقي. فجأة، سيطرت عليّ مشاعر الخوف والقلق. أحسست بأن قلبي بدأ يدق بسرعة غير طبيعية، وعرق البرد بدأ يتصبب على جبيني. شعرت بأنني خذلت ثقة والدتي وأثقلت كاهلي بمسؤولية لم أستطع الوفاء بها.

جرى مشهد من الخوف والذعر في رأسي، وهرعت إلى والدتي، وقد بدا على وجهي قلق عميق. قلت لها بسرعة، وأنا أشعر بالعجز: "أمي، أرجوك سامحيني، لقد نسيت أن أودع الرسالة في مكتب البريد."

نظرت إليّ والدتي بعيون مليئة بالدهشة والاستغراب. سألتني بصوت خافت، متسائلة عما حدث. أخبرتها بكل ما حدث وبأنني نسيت الرسالة في حقيبتي. صرخت والدتي مندهشة، ثم تذكرت بسرعة أن مكتب البريد مغلق بسبب عطلة نهاية الأسبوع. قالت لي: "لا عليك، سألتزم بتسليم الرسالة في اليوم التالي."

كانت تلك اللحظة بمثابة درس كبير لي. أدركت أن الأمانة ليست مجرد واجب، بل هي جزء من شخصيتي. إن التزامنا بالوعود والمهام الموكلة إلينا يعكس مدى نضجنا وثقة الآخرين فينا. عرفت أن كل عمل نقوم به يحمل مسؤولية، وأننا يجب أن نكون دائماً على قدر تلك المسؤولية.

في اليوم التالي، ذهبت إلى مكتب البريد بحذر كبير، وتأكدت من تسليم الرسالة بأمان. شعرت بسعادة كبيرة عندما عدت إلى المنزل، حيث كانت والدتي في انتظاري بابتسامة فخر. لقد تعلمت درساً قيماً، وعرفت أن الأمانة والالتزام هما طريق النجاح والثقة.

من خلال هذه التجربة، تعلمت أن الأمانة ليست فقط عن الوفاء بالوعود، بل هي عن الاحترام لثقة الآخرين وحمل المسؤولية بأمانة. فكل تجربة صغيرة تعزز من قيمنا وتساعدنا على أن نصبح أفراداً يعتمد عليهم في مختلف جوانب حياتنا.



0 commentaires

Enregistrer un commentaire