vendredi 9 août 2024

إنتاج كتابي حول عودة سامي في يوم ممطر من المدرسة

إنتاج كتابي حول عودة سامي في يوم ممطر من المدرسة

كان صباح يوم خريفي بارد، حينما دق جرس المدرسة معلناً نهاية اليوم الدراسي. بدأت السماء تنذر بقدوم الأمطار، ولكن سامي لم يكن يحمل معه سوى معطفه القديم. وهو في طريقه إلى المنزل، بدأت السماء تبكي قطرات خفيفة كأنها دموع طفلة، ولكن سرعان ما تحول البكاء إلى صراخ، حيث ازدادت الأمطار غزارة وكأن السماء فتحت كل مخازنها.

استمر سامي في السير عبر الشوارع الخالية، متشبثاً بمعطفه الذي لم يعد يقوى على مقاومة الأمطار. كانت الرياح تعصف بكل شيء في طريقها، وتضرب وجهه وتلسع قدميه المكشوفتين. تسللت المياه تحت معطفه، فشعر بقشعريرة تنتشر في جسده، حتى أنه شعر بأن أطرافه بدأت تتجمد.

قرر الطفل الإسراع في خطاه، فركض بأقصى ما يستطيع، منحنياً ظهره ومخبئاً رأسه بين كتفيه ليحتمي من الرياح. كان يحاول بين الحين والآخر إخراج منديله الصغير ليمسح أنفه الذي تحول إلى نافورة لا تجف، حتى بدا المنديل وكأنه لا يستطيع مواكبة تدفق الماء.

فجأة، وفي غفلة منه، انزلقت قدم سامي في بركة طينية عميقة. حاول التوازن لكنه فشل، فسقط أرضاً وتبللت ملابسه بالكامل، واتسخت حقيبته التي كانت تحوي كتبه المدرسية. تطاير الطين ليغطي وجهه وشعره، حتى بدت ملامحه وكأنها قد اختفت تحت طبقة من الوحل.

نهض بصعوبة، يجمع أغراضه المتناثرة من حوله، محاولاً قدر الإمكان إزالة الطين عن وجهه. كان يشعر بالحرج والخجل، ولكنه أدرك أنه لا بد له من الوصول إلى المنزل بأسرع وقت ممكن. بدأ يخطو بخطوات سريعة وثقيلة، وكأنه يحمل العالم بأسره على كتفيه الصغيرتين.

عندما وصل سامي إلى المنزل، كان يقطر ماء من أعلى رأسه إلى أخمص قدميه، وكل حركة يقوم بها كانت تصدر صوتاً مبللاً. طرق الباب بخفة، وعندما فتحت له والدته، وقفت للحظة مذهولة أمام حالته التي يرثى لها. أسرعت الأم الحنون لتدخله إلى غرفته، وهي تعبر عن قلقها وحنانها بألف طريقة. 

بدلت ملابسه المبتلة، واستخدمت منشفة ناعمة لتجفيف شعره، ثم أخرجت مجفف الشعر وجعلت تدفئ به رأسه بلطف. أجلسته قرب المدفأة، ولفته بغطاء صوفي دافئ، حتى شعر بأن دفء المدفأة تسلل إلى أعماق قلبه. قدمت له كوباً من الشوكولاتة الساخنة، فاحتساه ببطء وهو يشعر بأن الحياة تعود إلى جسده المرهق. 

بدأت خدوده تتورد من جديد، وعاد إليه النشاط شيئاً فشيئاً. ابتسمت والدته وهي ترى الحياة تعود إلى عينيه، وجلست بجواره لتستمع إلى مغامراته في هذا اليوم المطير. كان سامي يتحدث بحماس، وهو يشعر بالأمان والدفء في حضن أمه، وقد أدرك أن لا شيء في العالم يعادل دفء وحنان الأم في لحظات البرد القارس.



0 commentaires

Enregistrer un commentaire