mercredi 31 juillet 2024

شرح نص لا سبيل الى العمارة الا بالعدل - محور العدل و الإنصاف - ثالثة ثانوي

شرح نص لا سبيل على العمارة الا بالعدل

التقديم : 
نص "لا سبيل إلى العمارة إلا بالعدل" هو مقتطف من "المقدمة" لابن خلدون، أحد أعظم المفكرين في التاريخ الإسلامي. وُلد ابن خلدون في تونس عام 1332 ميلادي وتوفي في القاهرة عام 1406 ميلادي. يقدم هذا النص رؤية عميقة حول العلاقة بين العدل والتنمية العمرانية، موضحًا كيف أن تحقيق العدل يعتبر أساسًا لا غنى عنه لقيام المجتمع واستقراره. ابن خلدون، في هذا المقتطف، يتناول مسألة العدل من خلال سرد قصص وتحليل منطقي ليدعم حجته بأهمية العدل كركيزة للتقدم والازدهار.
الموضوع : يبرزالكاتب أهمية العدل كشرط أساسي لتحقيق التنمية العمرانية واستقرار الدولة. الوحدات :
القسم الأول: حكاية البوم والملك بهرام : من البداية إلى كلمة "وأَوَوا إلى ما تعذَرَ مِنَ الضَّيَاع"
القسم الثاني: نصيحة الموبذان للملك : من كلمة "فقلت العمارة وخَرِبَتْ الصِّيَاعُ" إلى "التي لا تستقيم دعائم الملك إلا بها"
القسم الثالث: إصلاحات الملك بهرام : من كلمة "فلما سمع الملك ذلك" إلى نهاية النص

الإجابة عن الأسئلة :

لنتفهم معا :

1- الإجابة عن هذا السؤال هي مقاطع النص .
2- الموبذان استخدم مجموعة من الحجج الحجاجية لإقناع الملك بضرورة العدل لاستقامة الدولة والمجتمع، وهذه الحجج يمكن تلخيصها كما يلي:
1- الحجة بالمثال: استخدم الموبذان حكاية البوم لشرح نتائج الظلم بطريقة سردية مبسطة. حيث أوضح من خلال الحكاية كيف أن الظلم يؤدي إلى الخراب والهلاك، مما جعل الملك يفهم تداعيات سياساته الظالمة بشكل أوضح.
2- الحجة بالترابط المنطقي: قدم الموبذان سلسلة من الأسباب والنتائج المترابطة لتوضيح أهمية العدل:
   - الملك لا يتم إلا بالشريعة والطاعة لله.
   - الشريعة لا تستقيم إلا بالملك.
   - الملك لا يكون عزيزًا إلا بالرجال.
   - الرجال لا يقومون إلا بالمال.
   - المال لا يأتي إلا بالعمارة (التنمية والبناء).
   - العمارة لا تتحقق إلا بالعدل.
   - والعدل هو الميزان المنصوب بين الخليقة.
3- الحجة بالتجربة التاريخية: أشار الموبذان إلى الخراب الذي حصل في أيام بهرام نتيجة للظلم، موضحًا أن هذا الخراب أدى إلى نقص الأموال والموارد، وهجرة السكان، وضعف الجيش، وطمع الأعداء في المملكة. هذه الحجة تعتمد على الملاحظة التاريخية المباشرة لتأثير الظلم.
4- الحجة بالأثر العملي: بيّن الموبذان أن استعادة العدل من خلال إعادة الأراضي لأصحابها وتشجيعهم على العمارة أدت إلى ازدهار البلاد وزيادة الأموال وقوة الجيش واستقرار الدولة. هذه الحجة تعتمد على النتائج الإيجابية الملموسة للسياسات العادلة.
باستخدام هذه الحجج المتنوعة، تمكن الموبذان من إقناع الملك بأن العدل هو الأساس الضروري لاستقامة الدولة والمجتمع.
3-
ابن خلدون استخدم عدة أساليب فنية في النص لتحذير من عواقب الإخلال بالعدل، وهذه الأساليب تشمل:
1. الأسلوب القصصي (الحكاية):
   - استخدم ابن خلدون حكاية البوم والملك بهرام كمثال توضيحي. هذا الأسلوب يجعل النص أكثر تشويقًا ويسهل على القارئ فهم الرسالة بشكل ملموس. الحكاية تظهر بوضوح كيف يؤدي الظلم إلى الخراب والهلاك، مما يعزز الرسالة التي يريد ابن خلدون إيصالها.
2. الترتيب السببي (العلاقة السببية):
   - ابن خلدون اعتمد على تقديم الأسباب والنتائج بشكل مترابط ومنطقي: "إن الملكَ لا يَتِمَّ عزه إلا بالشريعة، ولا قوام للشريعة إلا بالملك، ولا عز للمُلْكِ إلا بالرِّجَالِ، ولا قوام للرِّجال إلا بالمال، ولا سبيل إلى المال إلا بالعمارة، ولا سبيل للعمارة إلا بالعدل". هذا التسلسل المنطقي يوضح للقارئ كيف أن كل عنصر يعتمد على الآخر، مما يبرز أهمية العدل كركيزة أساسية لكل عناصر الدولة.
3. التشبيه:
   - استخدام ابن خلدون لتشبيه العدل بالميزان المنصوب بين الخليقة يضفي على النص صورة بصرية قوية توضح أهمية العدل كميزان يحقق التوازن في المجتمع. هذا التشبيه يعزز الفهم العميق لدور العدل في تحقيق التوازن والاستقرار.
4. التكرار:
   - التكرار في النص يلعب دورًا هامًا في التأكيد على الأفكار الرئيسية. على سبيل المثال، تكرار كلمة "العدل" في سياقات مختلفة يعزز أهمية العدل في أذهان القراء ويجعل الفكرة أكثر ثباتًا.
5. التحذير المباشر:
   - ابن خلدون استخدم التحذير المباشر من خلال سرد النتائج السلبية للظلم مثل: "قلت العمارة وخَرِبَتْ الصِّيَاعُ وقلت الأموال وهَلَكَتِ الجنود والرعيَّةُ، وطمع في مُلْكِ فارس مَنْ جاورهمْ مِنَ الملوك". هذا التحذير المباشر يلفت الانتباه إلى العواقب الوخيمة للظلم ويحث على تجنبها.
6. الأسلوب الخطابي: 
   - استخدام الأسلوب الخطابي في النص يضفي عليه طابعًا رسميًا وجادًا، مما يعزز أهمية الرسالة. على سبيل المثال: "أيها الملك، إن الملكَ لا يَتِمَّ عزه إلا بالشريعة، والقيام لله بطاعته". هذا الأسلوب يجعل النص أكثر إقناعًا وتأثيرًا.
هذه الأساليب الفنية مجتمعة تلعب دورًا حيويًا في توضيح وتحذير القارئ من عواقب الإخلال بالعدل، وتجعل الرسالة أكثر تأثيرًا وقوة.
4-
الموبذان ذكر مظاهر من ظلم الملك والنتائج المترتبة عليه في النص، وهذه المظاهر والنتائج تساعد في إقناع الملك بمراجعة سلوكه وإنصاف العامة.
 مظاهر الظلم:
1. انتزاع الأراضي من أصحابها وعُمَّارِها:
   - "عَمَدْتَ إِلى النِّيَاعِ فانتزعتها مِنْ أربابها وعُمَّارِهَا، وهم أرباب الخراج ومَنْ تُؤْخَذُ مِنهم الأموال."
   - دورها في الإقناع: يوضح هذا التصرف مدى الظلم الواقع على المزارعين وأصحاب الأراضي، مما يؤدي إلى فقدانهم لأراضيهم ومصدر رزقهم، وهو ما يضر بالاقتصاد العام للدولة.
2. إقطاع الأراضي للحاشية والخدم وأهل البطالة:
   - "وأقطَعْتَهَا الحاشية والخدم وأهل البطالة."
   - دورها في الإقناع: يظهر هذا التصرف أن الملك يفضل من حوله من الحاشية والخدم، الذين لا يسهمون في الإنتاج والتنمية، مما يؤدي إلى تدهور حالة الزراعة والاقتصاد.
3. التسامح في دفع الخراج للحاشية:
   - "سُومِحُوا في الخراج لِقُربِهم من الملك."
   - دورها في الإقناع: يبين هذا التصرف كيف أن الحاشية تتمتع بمزايا غير عادلة على حساب العامة، مما يضعف اقتصاد الدولة ويزيد من الظلم الاجتماعي.
النتائج المترتبة عن الظلم:
1. ترك العمارة (التنمية) والنظر في العواقب:
   - "تركوا العِمَارَةَ، والنظر في العواقب وما يُصْلِحُ الضياع."
   - دورها في الإقناع: يوضح أن الحاشية لا تهتم بالزراعة والتنمية، مما يؤدي إلى تدهور الأراضي وعدم استغلالها بشكل صحيح.
2. انخفاض الخراج وهجرة الناس:
   - "وقع الحيفُ على مَنْ بَقِيَ مِنْ أرباب الخراج وعُمَّارِ الضياع، فانجلوا عن ضِيَاعِهِمْ وخلوا ديارَهُمْ."
   - دورها في الإقناع: يوضح أن الظلم جعل المزارعين وأصحاب الأراضي يهجرون أراضيهم، مما يقلل من الإيرادات المالية للدولة ويؤدي إلى تدهور الاقتصاد.
3. قلة العمارة وخراب الأراضي:
   - "فقلت العمارة وخَرِبَتْ الصِّيَاعُ وقلت الأموال."
   - دورها في الإقناع: يبين أن تدهور الزراعة والتنمية أدى إلى انخفاض الموارد المالية للدولة وزيادة الخراب في الأراضي.
4. هلاك الجنود والرعية:
   - "وهَلَكَتِ الجنود والرعيَّةُ."
   - دورها في الإقناع: يوضح أن تدهور الاقتصاد والأمن الغذائي أدى إلى ضعف الجيش وهلاك الرعية، مما يضعف قدرة الدولة على الدفاع عن نفسها والاستقرار الداخلي.
5. طمع الملوك المجاورين في المملكة:
   - "وطمع في مُلْكِ فارس مَنْ جاورهمْ مِنَ الملوكِ."
   - دورها في الإقناع: يظهر أن ضعف الدولة الناتج عن الظلم جعلها عرضة لأطماع الملوك المجاورين، مما يعرضها لخطر الغزو والانهيار.
دور هذه المظاهر والنتائج في إقناع الملك:
- توضيح العواقب الوخيمة: بإظهار العواقب الوخيمة للظلم بشكل ملموس ومحدد، يصبح الملك أكثر وعيًا بحجم المشكلة وتأثيرها السلبي على الدولة.
- إبراز العلاقة السببية: الربط بين تصرفات الملك الظالمة والنتائج السلبية يساعد في إقناع الملك بأن تغيير سلوكه وإعادة العدل سيسهم في تحسين الأوضاع.
- الدعوة إلى الإصلاح: الموبذان لا يكتفي بنقد الأوضاع بل يقدم حلولًا عملية، مما يجعل النصيحة أكثر قبولًا لدى الملك. إعادة الأراضي لأصحابها وتشجيعهم على التنمية يوضح الطريق لإصلاح الأوضاع.
- التحذير من الأخطار الخارجية: بالإشارة إلى طمع الملوك المجاورين، يعزز الموبذان الحاجة الملحة للإصلاح لضمان استقرار وأمن الدولة.
بهذه الحجج والمظاهر، يتمكن الموبذان من إقناع الملك بمراجعة سلوكه وإنصاف العامة، مما يؤدي إلى استقرار الدولة وازدهارها.

لنفكر معا :

1-
العدل هو قيمة أساسية وجامعة تعتبر من الركائز التي يقوم عليها المجتمع المدني الحديث. يتجلى العدل في المساواة أمام القانون، حيث يجب أن يتمتع جميع الأفراد بنفس الحقوق والواجبات دون تمييز. كما يتضمن العدل التوازن بين الحقوق والواجبات، مما يضمن لكل فرد حقوقه الأساسية مثل التعليم والصحة والعمل، مقابل الوفاء بواجباته تجاه المجتمع. العدالة الاقتصادية تعني توزيع الثروات والموارد بطريقة تكفل تكافؤ الفرص وتقلل الفجوة بين الأغنياء والفقراء، بينما تسعى العدالة الاجتماعية إلى إزالة الفوارق الاجتماعية وضمان تكافؤ الفرص في مجالات التعليم والصحة والإسكان. الحكم الرشيد، المبني على الشفافية والمساءلة والمشاركة في صنع القرار، هو جوهر تحقيق العدل. كما أن سيادة القانون تتطلب أن يكون القانون هو السلطة العليا ويطبق بعدل ونزاهة على الجميع. احترام وحماية حقوق الإنسان الأساسية جزء لا يتجزأ من العدل، ويجب تعزيزها من خلال التوقيع على الاتفاقيات الدولية وتطبيقها. الشفافية والمساءلة في الإجراءات الحكومية والمؤسساتية، والتكافل الاجتماعي من خلال دعم الفئات المحتاجة والمبادرات المجتمعية، والتعليم والتوعية بحقوق وواجبات الأفراد، كلها عناصر تعزز من تحقيق العدل. بتحقيق هذه المبادئ، يمكن بناء مجتمع عادل ومستقر يحقق رفاهية جميع أفراده.
2-
العدل وحده لا يكفي لتحقيق العمران البشري السوي؛ فهو أحد الشروط الأساسية، ولكنه يحتاج إلى شروط أخرى لتحقيق التنمية والاستقرار في المجتمع. الحكم الرشيد، القائم على الشفافية والمساءلة والمشاركة، ضروري لضمان اتخاذ القرارات التي تساهم في رفاهية المجتمع. التعليم الجيد يمكّن الأفراد من فهم حقوقهم وواجباتهم والمشاركة الفعالة في المجتمع، كما يسهم في تطوير المهارات والمعرفة التي تعزز التنمية الاقتصادية والاجتماعية. تطوير البنية التحتية مثل الطرق والمواصلات والكهرباء والمياه النظيفة أمر حيوي لدعم العمران وتحسين جودة الحياة وتعزيز النشاط الاقتصادي. الاقتصاد المستدام الذي يوفر فرص العمل ويعزز النمو الاقتصادي هو عنصر أساسي لتحقيق العمران، والاستقرار السياسي يضمن بيئة آمنة ومستقرة تسمح بالاستثمار والنمو. نظام صحي قوي يضمن توفير الرعاية الصحية للجميع، مما يحافظ على قوة العمل ويحسن جودة الحياة، والتكافل الاجتماعي يدعم الفئات الأكثر ضعفًا في المجتمع، مما يعزز تماسكه ويضمن حصول الجميع على فرص عادلة. الحفاظ على البيئة وحمايتها من التلوث والتدهور ضروري لضمان استدامة الموارد الطبيعية التي يعتمد عليها العمران البشري. تضافر هذه العناصر مع العدل يضمن تحقيق تنمية شاملة ومستدامة تؤدي إلى رفاهية واستقرار المجتمع.

0 commentaires

Enregistrer un commentaire