jeudi 27 juin 2024

موضوع فلسفة حول محور الإنية و الغيرية - هل يمكن أن أكون إنسنا دون توسط الجسد ؟

 موضوع إنشائي حول محور الإنية و الغيرية 

الموضوع :  هل يمكن أن أكون إنسنا دون توسط الجسد ؟ 
في خضم واقع تشابكت فيه المفاهيم و إنقلبت داخله الموازين بين إعلاء لمستطاع الجسد و تكريم له و مقابل ما يشهده من استغلال يبقى حد الجسد غامضا في علاقته بالانية و هو يدفع الى الاستئناف النقاش و فتح باب الجدال بخصوص مدى ضرورة واسطة هذا الكيان على تحديد الانية . فكيفيمكن أن يتموقع الجسد بالنسبة للذات ؟ هل هو كيان ثانوي يجوز الاستغناء عنه أم هو مقوم أساسي في تأكيد الوجود ؟ 
تفيد الكينونة ادراك الوجود و الوعي بحقيقة الذات و إذا ما قصرنا هذا المفهوم على وعي منكف على ذاته فإننا نطلب الاستغناء على الجسد و تعرف الانية بماهي مكتفية بذاتها لا حاجة لها الى الجانب الحسي و يعلن عن وعي حدسي ، وعي مباشر لا وسائط له و ذلك لأن الجسد هو عرض ، و العرض هو ما يقابل الجوهر أي ما يتقوم بنفسه ، فالجسد قابل للزوال تتهدده الأمراض و الخيالات و الترهات و يسكنه الضعف و الوهن فهو حمل ثقيل ألقي على كاهن النفس مما أوجب عليها طمسه و التدرب على إحتقاره و هو ما قصده أفلاطون بدعوته المفكرين الى " التدرب على الموت " فهو بمثابة الإنعتاق و التحرر من قيوده كما أن الجسد هو عائق يحول دون بلوغ الحقيقة فالمعرفة بواسطة الجسد هي معرفة حسية مجردة و الحراس عادة ما تكون خدعة من أجل ذلك سحب ديكارت ثقته من الجسد و إعتبره جوهرا ممتدا خاضعا لفعل النفس الذي يمثل الجوهر الفكري الخالص و بالتالي فان الجسد لم يبلغ المرتبة التي تخول له ان يكون مقوما أساسيا من مقومات الانية و ذلك على المستوى الانطلوجي و المعرفي و لكن ألا نكون بذلك أشحنا بأنظرنا عما يكتنزه هذا الكيان المادي من قدرات و مستطاع لا حد له فالجسد ليس ذلك الموضوع المفكر فيه أو الموضوع على طاولة التشريح ، آلة ميكانكية مركبة إنما يخفي مستطاعا فذا فكيف لنا أن نبين هذا الجانب من الجسد ؟ 
لم يعد الجسد الشئ الغريب عن الذات إنما هو واسطة التي تمكننا من التعرف على الاشياء من حولنا و الجسد هو حقيقة الذات فهو ما يربطها بالعالم و يمكنها من التعرف على ذاتها فهو مقوم أساسي للإنية هذا ما أعلنه الفلاسفة فقد رفض سبينوزا فكرة الفصل بين النفس و الجسد 
ختاما يمكن أن نستخلص أن الجسد رغم ما يشوبه من العوائق المتجسددة في الامراض و المعرفة الحسية التي قد تخدعنا في بعض الاحيان فإنه يبقى هو الوساطة التي لا غنى لنا عنها إلا أن الراهنية اليوم تعكس جسدا خاضعا للمفاعيل السلطوية و الاستغلال الاقتصادي فتتجاذبه التيارات من الجهتين .


0 commentaires

Enregistrer un commentaire