mercredi 19 juin 2024

موضوع إنشائي حول محور الخصوصية و الكونية - فلسفة

 موضوع إنشائي حول محور الخصوصية و الكونية 

السؤال : إذا كان الوجود مع الغير امرا ضروريا فهل في ذلك إغناء لكياننا؟
الجواب :
قدر الثقافات ان يظل لقاء بعضها ببعض متأرجحا بين وصلا و فصلا . بين إحتفاء بمكاسب هذا اللقاء و ما يحققه من وصل و بين خشية من العوائق التي تنجر عن ذلك و نفي لضرورته فتفتت الثقافة بالفصل مما جعلنا نمعن النظر في إمكانية العيش معا في ظل هذا الاختلاف الذي يكدو الخصوصية 
فماذا إذا سلمنا بأن الوجود مع الغير ضروري و ماهي طبيعة علاقته معا ؟ هل في حضوره إغناء لكياننا أم تهديد قد يؤثر سلبا على هويتنا ؟
إن الغير هو المباين و المخالف و يفيد القول بالوجود معه التسليم بالتنوع الثقافي و إختلاف الثقافات مما يدعو الى الانفتاح و عدم الانغلاق . ثم إذا سلمنا بأنه أمر ضروري ففي ذلك دعوة الى نبذ التعصب الذي يفيد الايمان المطلق بالمواقف و رفض العنف و كل أشكال الاقصاء . و عليه فكيف يمثل هذا الحضور عامل إثراء و إبداع ؟ 
إن الكيان هو مابه يكون الشئ هو أي هويته المشتملة على صفاته الجوهرية و نعني بالقول أن وجود الغير يعني الهوية و يشرع لإنفتاح على الثقافات الاخرى مع الحفاظ على الخصوصية و التي تفيد التفرد و التميز و نعني بها مجموعة الصفات العينية و المجردة التي تخص فردا أو مجموعة و تميزها عن غيرها و يحصل هذا التلاقح الايجابي المثري عن طريق الايمان بحق الاختلاف كحق كسموبولوني أي الحق في وجود تباين و أن كل أحد متميز عن الآخر دون مفاضلة و في هذا تثمين للفروقات . ثم لابد من الايمان بان هذا الحق عامل إثراء و إبداع و أن الثقافات قادرة لا محالة على التلاقي في أفق كونية التي نعني بها المشترك الانساني المتضمن لقيم و مبادئ الانسانية و هنا تتبلور فكرة "وحدة الكثرة و كثرة الوحدة " لموران القائل " هناك وحدة إنسانية بقدر ما يوجد تنوع إنساني " مؤسسا لهوية مركبة متعددة المنابع نحو العرقي و الديني و الثقافي و غيرها فيتسع مجال التواصل و قبول الاختلاف و يتركز الحوار كقيمة إنسانية و ضرورية 
إن الكونية قد فتحت مجالا واسعا لإثراء الهوية و تطورها من وحدة بسيطة الى تركيب يشمل كل الهويات الاخرى مرتكزة على قيم إنسانية أهمها التسامح إلا أن هذا المشروع يستحيل تحققه في عصرنا الراهن نظرا لما نعيشه من تموجات و إضطرابات بين الثقافات و لكونه مهددا من عدة مخاطر بالعولمة 
فماهي مخاطر وجود الغير على هويتنا ؟
إن وجود الغير يغذي الصراعات و ينمي الخلافات و يهدد بخطر التجانس و التماثل التي تمثل العولمة اليوم أبرز مظاهره و يفيد التجانس التي تدعو له قوى الدمج إنصهار ثقافة داخل ثقافة أخرى إذ يشرع حضور الغير لمركزية ثقافية تفرض الاعتقاد بأن ثقافة ما متفوقة على غيرها و إتخاذها نموذجا يحتذى به و معيارا نحكم به على بقية الثقافات فتشعر الهوية بالنقص و تسعى الى تقليد هذه الثقافة 
إذن إن في إثبات الخصوصية مع الاعتراف بضرورة الاختلاف تكريسا للعيش معا و تأكيد لتواصل كوكب تتعزز فيه روابط الثقافات و تتمسك بالجذور و في إطار ذلك يتحقق الرفاه البشري و السلم العالمي  .


0 commentaires

Enregistrer un commentaire