إنتاج كتابي شواغل فنية
*المسرح :
ان فن المسرح فن عريق و هو عنوان رقي الامم و ازدهارها و تطورها و قد خضع تاريخ المسرح التونسي الى نزوات التاريخ و الحضارات التي عرفتها البلاد التونسية و خير دليل على ذلك هو وجود مسارح اثرية ضاربة في القدم ثم ترميم اغلبها و استعماله في المهرجانات و التظاهرات المسرحية من اهمها المسرح الاثري بقرطاج و المسرح الروماني بدقة و هو ما يؤكد ان تالمسرح كان معتمدا لفرجة شعبية على غرار فرجة مسارح السيرك الروماني و المعارك الدامية التي كانت تسممى بالقلادياتور.
و قد سعى بعض الكتاب في بداية المسرح التونسي الى توظيف التراث و الاستفادة منه على غرار عز الدين المدني في مسرحية ثورة صاحب الحمار و الحبيب بولعراس في مسرحيته مراد الثالث و قد اختار المدني بعض الانتفاضات و الثورات التي تمت في البلادان العربية الاسلامية و خاصة في القرنين الثاث و الرابع الهجريين لطرح مسالة الثورة في الوقت الحاضر و كان ذلك عبر تداخل الازمان و حضور مجموعة من القرائن التي تؤكد الاهتمام بالحاضر.
اما الحبيب بولعراس فقد استقى مادة مسرحيته من احداث تاريخية جرت ايام الدولة المرادية و تحديدا فترة تولي اخر البايات المراديين مراد الثالث الذي حكم تونس بين سنتي 1966 و 1702 و لئن استند الكاتب الى التاريخ فانه تصرف فيه تصرفا يستجيب لمقتضيات البناء الفني من خلال صياغة صراعية لبعض احداثه و مضامينه لمعالجة قضايا سياسية و اخلاقية و منها قضية الحكم الفردي.
و المسرح اليوم فن يخاطب الجميع في جميع المجالات و لا يقلدها تقليدا اعمى فالكاتب المسرحي يختار من الحياة عناصر تحركت لها نفسه من شخصيات او حوادث مفتعلة و لا يزال يورد افكاره عن تمخضات حياته و فكره حتى يخرج صورة متكاملة تسير من بداية واضحة الى نهاية محتومة و هذه الافكار يجب ان تكون صادرة عن صميم الحياة و الواقع.
و اننا نذهب الى المسرح بروح من يلتمس متعة عقلية او فنية و بروح من يريد الاستفادة من تجارب الاخرين و من الملاحظ بوجه عام في الحياة العملية انه قلما يستفيد من تجارب الاخر و لا بد لسوء حظنا من ان يقوم كل منا بتجاربه الخاصة و ان يدفع ثمن هذه التجارب بحيث تتعاقب الاجيال و كل جيل يقع في اخطاء الجيل السابق.
و لكن المسرح وحده يعلمنا الحوار الخصب من تجارب التاريخ و تفاعلات الحياة مما يجعله فنا فرجويا ممتعا على الدوام.
0 commentaires
Enregistrer un commentaire